تشهد القارة الأفريقية خلال السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في توجهاتها نحو الطاقة المتجددة، وفي مقدمتها الطاقة الشمسية التي أصبحت أحد أهم الحلول لتجاوز أزمة الكهرباء المزمنة في العديد من دول القارة، وبينما تتوسع الصين في تصدير تقنياتها الشمسية إلى مختلف أنحاء العالم، أصبحت أفريقيا إحدى أبرز وجهاتها، حيث تتسابق الدول على استيراد الألواح الشمسية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء النظيفة.
☀️ طفرة في الطلب على الألواح الشمسية الصينية
من يوليو 2024 إلى يونيو 2025، شهدت الأسواق الأفريقية ارتفاعًا قياسيًا في واردات الألواح الشمسية القادمة من الصين، فقد ارتفع إجمالي الاستيراد في القارة بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالأعوام السابقة، مع دخول أكثر من 20 دولة في سباق الاستفادة من التقنيات الشمسية.
وللمرة الأولى، تخطت دول مثل نيجيريا والجزائر مراكز متقدمة في ترتيب الدول الأكثر استيرادًا، متجاوزة مصر التي كانت سابقًا من بين الثلاثة الكبار. هذا التغيير يعكس بوضوح التحول في السياسات الطاقوية داخل القارة، حيث بدأت الحكومات تدرك أهمية الاعتماد على الطاقة المستدامة لتقليل الفجوة الكهربائية وتحقيق التنمية.

🌍 ترتيب أكبر الدول الأفريقية المستوردة للألواح الشمسية الصينية
وفقًا لتقرير صادر عن مركز “إمبر” لأبحاث المناخ، جاءت جنوب أفريقيا في صدارة الدول المستوردة، تليها نيجيريا والجزائر. ويظهر الترتيب كالتالي:
- جنوب أفريقيا – الحصة الأكبر بنسبة 25.2% من إجمالي الواردات.
- نيجيريا – حوالي 11.4%، مع قفزة هائلة في حجم الاستيراد.
- الجزائر – بنسبة 8%، بعد زيادة استيراداتها بمعدل يفوق 33 ضعفًا خلال عام واحد.
- المغرب – بنسبة 6.1%، مستفيدة من مشاريع الطاقة الشمسية الكبرى في الصحراء.
- مصر – بنسبة 5.7%، مع استعدادها لتشغيل مشروعات ضخمة بقدرات غيغاواطية.
- تونس – بنسبة 4.4%.
- السنغال – بنسبة 3.5%.
- كينيا – بنسبة 3.3%.
- زامبيا – بنسبة 2.8% بعد نمو وارداتها بثمانية أضعاف.
- تنزانيا – بنسبة 2.8% أيضًا.
⚡ مشاريع ضخمة تعيد رسم خريطة الطاقة في القارة
- الجزائر أطلقت مشروعًا طموحًا لإنتاج ما يصل إلى 3 غيغاواط من الكهرباء النظيفة.
- المغرب ضاعف قدرته الإنتاجية لتصل إلى نحو 1 غيغاواط سنويًا.
- مصر تعمل على ثلاثة مشاريع كبرى من بينها مشروع “إيليت سولار” بطاقة 3 غيغاواط.
أما في الدول الأصغر حجمًا مثل سيراليون وتشاد، فإن الألواح الشمسية المستوردة قادرة على توليد ما يعادل نصف إنتاجها الكهربائي الحالي تقريبًا، ما يجعل الطاقة الشمسية أملًا حقيقيًا في سد النقص المزمن بالطاقة.
🌞 بوادر صناعة محلية وتحديات قائمة
رغم القفزة الكبيرة في الواردات، لا تزال القارة تعتمد بشكل شبه كامل على الألواح المستوردة، نتيجة ضعف القدرات التصنيعية المحلية. ومع ذلك، بدأت بعض الدول مثل المغرب وجنوب أفريقيا في إنشاء مصانع محلية لتجميع الألواح الشمسية وتقليل الاعتماد على الخارج.
لكن الطريق ما زال طويلاً أمام القارة لتنافس الأسواق العالمية الكبرى، حيث أن باكستان وحدها استوردت ألواحًا شمسية تفوق ما استوردته أفريقيا بأكملها، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز سدس سكان القارة.
🔋 نحو مستقبل أكثر إشراقًا
إن ما يحدث اليوم في القارة السمراء يمثل نقطة تحول في تاريخ الطاقة فيها. فزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية لا تسهم فقط في توسيع إنتاج الكهرباء، بل تفتح الباب أمام اقتصاد أخضر جديد يخلق فرص عمل، ويقلل من الانبعاثات الكربونية، ويحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ورغم أن تأثير هذه الطفرة على مستوى القارة بأكملها لا يزال محدودًا — إذ لا يتجاوز 2% من إجمالي إنتاج الكهرباء — فإنها خطوة واعدة نحو تحقيق استقلال طاقوي مستدام يعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا.
تتحول أفريقيا تدريجيًا إلى ساحة واعدة للاستثمار في الطاقة الشمسية، والصين أصبحت شريكها الأبرز في هذا المجال. وبينما تتزايد واردات الألواح الشمسية بوتيرة غير مسبوقة، يبقى التحدي الحقيقي هو نقل التكنولوجيا وتطوير الصناعة المحلية، لضمان أن تتحول الطاقة الشمسية من مجرد واردات إلى ركيزة أساسية لنهضة القارة في القرن الحادي والعشرين.
شاهد أيضاً:
أكبر 10 شركات للطاقة المتجددة في العالم
10 دولة تقود الجهود في مجال الطاقة المتجددة
أكبر مزارع الطاقة الشمسية في العالم