مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وسهولة استخدامها، بدأنا نشهد تأثيرها الكبير في تشكيل هندسة المجتمع وتوجهات الناس، حتى في أذواقهم ولباسهم ومشترياتهم وأصواتهم الانتخابية ومزاجهم العام، وفي القرن الثامن عشر، وُصِفَت الصحافة بأنها “السلطة الرابعة” لتأثيرها على آراء الجمهور، وربما يكون مناسبًا في هذا الزمان أن نطلق على وسائل التواصل الاجتماعي مصطلح “السلطة الناعمة”، حيث بدأت تؤثر في حياتنا دون أن نشعر.
شاهد أيضاً: اقتصاد ألمانيا ينكمش قليلاً في الربع الثالث
إذا ما اجتمع أفراد عائلة في غرفة وتوقفوا لحظة للنظر حولهم، سيجدون أن الجميع يحمل هاتفه الذكي ويقلب صفحات الفيسبوك أو تويتر أو انستغرام أو واتس أب وغيرها، والجميع مشغول يبحثون عن الجديد، وما يفعله الأصدقاء، وآخر الأخبار، والتفاعل مع منشوراتهم، حتى خلال الرحلات أو زيارات المطاعم حيث نبدأ بمشاركة صور المناظر السياحية ووجبات الطعام وما إلى ذلك، فالفضول يجعلنا مدمنين على تفقد أجهزتنا الذكية في كل فرصة، وأصبح معظم الناس متصلة بالإنترنت عبر خدمات الجيلين الثالث والرابع لشبكات الخليوي للوصول إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي.
لكن، ما الذي يدفعنا إلى نشر أخبارنا وصورنا وتفاصيل حياتنا بسرعة وسهولة على وسائل التواصل؟ قد يرى الكثيرون أن أسهل وسيلة للتواصل مع الأصدقاء هي عبر هذه الوسائل، حيث يتيح التواصل الكتابي والصور التعبيرية وسيلة أسهل من التواصل البصري أو الصوتي، ويبحث البعض عن الشهرة>
حيث أصبح لدى الكثيرون صفحات على وسائل التواصل ووصل عدد متابعيهم إلى الملايين، ويقومون بنشر أفكار غريبة أو مضيعة للوقت، وهناك الذين يرغبون في نشر أفكارهم ومبادئهم دون قيود. ولا ننسى الذين يستغلون هذه الوسائل للتحريض ونشر الكراهية. هذا لا يقتصر على الأفراد، بل يشمل الحكومات والمؤسسات الإعلامية التي تستخدم شبكات التواصل كأداة لتوجيه الرأي العام من خلال ما يعرف بالذباب الإلكتروني.
تفهمك لتأثير شبكات التواصل الاجتماعي على حياتنا وأفكارنا يعكس الاهتمام بالتحديات والتأثيرات السلبية التي قد تنشأ نتيجة لهذه الظاهرة، ويُظهر تحليلك للأخبار الملفقة ونظام التوصية كيف يمكن لهذه الوسائل أن تؤثر على الأفكار والتصورات الفردية.
موضوع الفقاعة الترشيحية والعزلة الفكرية الناتجة عنها يشير إلى تحديات خطيرة، إذا كانت شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بتقديم المحتوى بناءً على توجيهات واهتمامات محددة، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى تشكيل وجهات النظر وتحديدها، والفهم المقيد للمعلومات يمكن أن يؤثر سلبًا على التفاهم الشامل وقدرة الأفراد على التعامل مع آراء متنوعة.
ومسألة تأثير شبكات التواصل على المشاعر والمزاج هي أيضًا نقطة هامة، والقدرة على تحديد المحتوى المعروض يمكن أن تؤدي إلى إحاطة الفرد بآراء وأفكار تتجاوب معها، مما قد يعزز التشدد الفكري ويقلل من التسامح تجاه وجهات النظر المختلفة.
من المهم أن يشعر المستخدمون بالوعي بأن ما يظهر لهم على وسائل التواصل ليس محايدًا بل يتم تحديده بناءً على خوارزميات وتحليل بيانات. التفكير بانفتاح وتنوع في مصادر المعلومات يساهم في تعزيز التفاعل مع وجهات النظر المتنوعة وفهم القضايا بشكل أفضل، وإدراك القضايا المتعلقة بالخصوصية والتحكم في المعلومات الشخصية أيضًا يلعب دورًا هامًا في تعزيز التوازن بين الفوائد والتحديات الناشئة من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
تسلط ملاحظاتك الضوء على التحديات الخطيرة التي يمكن أن تطرأ نتيجة لاستغلال شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الأخبار الملفقة والأفكار الغريبة، كما تشير إلى أهمية التوعية والتثقيف لحماية المستخدمين، خاصة النشء، من التأثيرات السلبية المحتملة.
قرار الاتحاد الأوروبي في تعديلات قوانين حماية البيانات يعكس اهتمامًا بحقوق المستخدمين وخصوصيتهم، وهو خطوة إيجابية نحو ضمان مساءلة الشركات التكنولوجية في حالة انتهاك خصوصية المستخدمين، والوعي بحقوق الخصوصية والقدرة على متابعة وفهم كيفية استخدام البيانات الشخصية يعزز حقوق المستخدمين ويعمل على تعزيز المساءلة.
الحكومات ودورها في التعليم والتثقيف لمكافحة التطرف والأفكار الغريبة له أهمية كبيرة. بالفعل، يمكن للبرامج التعليمية وحملات التوعية أن تسهم في تشكيل وجهات النظر السليمة وتعزيز المفاهيم الأخلاقية والمواطنة الرقمية.
فيما يتعلق بقوانين تنظيم استخدام المعلومات، فإن إقامة إطار قانوني قوي يحمي خصوصية المستخدمين وينظم استخدام البيانات لأغراض تجارية أو فكرية هو خطوة مهمة. الإجراءات القانونية يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم سلوك الشركات والحد من سوء الاستخدام.
أخيرًا، المديرين ومشغلي شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن يلعبوا دورًا هامًا في محاربة الذباب الإلكتروني وضمان بيئة آمنة وصحية للمستخدمين. اتخاذ تدابير فعالة لتحديد وتقليل انتشار المحتوى الضار يساهم في تحسين سمعة هذه الشبكات وضمان تجربة إيجابية للمستخدمين.
شاهد أيضاً:
إحدى الشركات البرازيلية تعتزم ضخ استثمارات جديدة في السعودية
الإمارات تتعاون مع شركة بيل غيتس لانتاج كهرباء خالية من الانبعاثات
الطقس القاسي يضرب أوروبا ويعطل الطيران
مصر تطلق أول ماكينة “”صراف آلي”” لبيع سبائك الذهب