في السنوات الأخيرة، تصاعد الحديث حول شركات انسحبت من السوق الإسرائيلي نتيجة عوامل متعددة تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، وضغوط من حملات المقاطعة، وأسباب قانونية أو أخلاقية. إذ وجدت بعض الشركات العالمية نفسها أمام قرارات صعبة تتعلق بأنشطتها في المناطق المتنازع عليها، خاصة المستوطنات في الضفة الغربية، ما جعلها تراجع وجودها في السوق الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، بدأت الشركات الكبرى تدرك أن التوسع التجاري في بيئات حساسة سياسيًا يمكن أن يضر بسمعتها الدولية. لذلك، اتجهت بعض المؤسسات إلى بيع فروعها أو إعادة هيكلة شراكاتها أو تعديل سياسات التوريد الخاصة بها. ويعكس هذا التحول رغبة متزايدة لدى الشركات في التزام نهج أكثر شفافية ومسؤولية تجاه حقوق الإنسان والقانون الدولي.
وعلاوة على ذلك، يظهر من تحليل الحالات المختلفة أن انسحاب الشركات من السوق الإسرائيلي لم يكن دائمًا كاملاً، بل تنوعت أشكاله بين الانسحاب الجزئي، وإلغاء عقود الترخيص، وتعديل السياسات، ونقل مواقع الإنتاج.
قائمة بأبرز الشركات التي أعلنت انسحابها من السوق الإسرائيلي:
Veolia الفرنسية
تُعد Veolia من أوائل الشركات التي انسحبت من السوق الإسرائيلي. فقد باعت جميع حصصها في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك مشروع ترام القدس، وأعلنت انسحابها الكامل عام 2015. جاء القرار بعد ضغوط كبيرة من منظمات المجتمع المدني التي طالبتها بوقف أنشطتها في المستوطنات.
G4S البريطانية
أنهت G4S وجودها في السوق الإسرائيلي بعد بيع فرعها المحلي لصندوق استثمار إسرائيلي عام 2016. وأوضحت الشركة أن القرار جزء من إعادة هيكلة أعمالها عالميًا. في المقابل، ربطت تقارير عديدة الخطوة بانتقادات حقوقية متصاعدة.
Orange الفرنسية
أعلنت Orange عام 2015 إنهاء اتفاقية ترخيص علامتها التجارية مع شركة Partner الإسرائيلية. وبذلك توقفت الشراكة بين الطرفين. في حين أن الشركة بررت القرار بإعادة تنظيم استراتيجيتها الدولية، إلا أن القرار فُسر أيضًا على أنه استجابة لمخاوف سياسية.
SodaStream الأمريكية الإسرائيلية
قررت SodaStream عام 2015 نقل مصنعها من مستوطنة في الضفة الغربية إلى منطقة النقب داخل إسرائيل. ورغم استمرارها في السوق الإسرائيلي، فإن نقل المصنع عُدّ انسحابًا فعليًا من الأراضي المحتلة.
Ben & Jerry’s – Unilever
في عام 2021 أعلنت Ben & Jerry’s وقف بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية. بعد عام، باعت Unilever أعمالها داخل إسرائيل إلى مشغل محلي. ورغم أن الانسحاب لم يكن كليًا، إلا أنه عكس التزام الشركة بمبادئها الحقوقية المعلنة.
Pret A Manger البريطانية
في عام 2024 قررت Pret A Manger إلغاء خطتها لافتتاح فروع في إسرائيل. وجاء القرار قبل بدء النشاط التجاري، مما اعتُبر انسحابًا استباقيًا ناتجًا عن دراسة دقيقة للبيئة السياسية والاقتصادية في المنطقة.
Co-op Group البريطانية
تبنّت Co-op Group في يونيو 2025 سياسة جديدة لوقف استيراد منتجات من إسرائيل ودول أخرى لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان. كما أكدت الشركة أن هذه الخطوة تتماشى مع التزامها بالتجارة الأخلاقية.
Puma الألمانية
أنهت Puma عقد رعايتها مع الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم عام 2024. وأوضحت أن القرار جاء في إطار إعادة هيكلة عقودها التسويقية. ومع ذلك، أشار مراقبون إلى أن الضغوط الحقوقية لعبت دورًا في تسريع القرار.
Airbnb الأمريكية
في نوفمبر 2018 أعلنت Airbnb نيتها إزالة القوائم الموجودة في المستوطنات الإسرائيلية. لكنها تراجعت في أبريل 2019 بعد تسويات قانونية. رغم ذلك، أثار الإعلان الأول نقاشًا واسعًا حول التزام الشركات الرقمية بالمبادئ الأخلاقية.
Booking.com الهولندية
أضافت Booking.com في أكتوبر 2022 تحذيرات إلى القوائم الفندقية في الضفة الغربية، لتوضيح الوضع القانوني للمناطق المتنازع عليها. وبذلك اختارت سياسة توعوية بدلاً من الانسحاب الكامل من السوق الإسرائيلي.
AXA الفرنسية
بدأت AXA منذ عام 2019 ببيع حصصها في بنوك وشركات دفاع إسرائيلية. واستمرت في تقليص استثماراتها تدريجيًا حتى عام 2025، مؤكدة التزامها بالاستثمار المسؤول.
Maersk الدنماركية
في منتصف 2025، أفادت تقارير اقتصادية أن Maersk خفّضت تعاملاتها مع شركات مرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية. هذه الخطوة عُدت مثالًا على انسحاب لوجستي متدرج يهدف للامتثال للمعايير الدولية.
اتجاه عالمي متزايد نحو الانسحاب الأخلاقي
تشير الحالات السابقة إلى أن شركات انسحبت من السوق الإسرائيلي لأسباب متعددة، منها الأخلاقي والاقتصادي والسياسي. لذلك، أصبحت هذه الانسحابات تعكس تحولًا في فكر الشركات العالمية التي لم تعد تركز فقط على الربح، بل أيضًا على سمعتها وقيمها. كما أن تصاعد الوعي الاستهلاكي ساهم في دفع الشركات إلى اتخاذ قرارات أكثر مسؤولية.
وفي ضوء ذلك، يبدو أن مستقبل الأعمال في المناطق الحساسة سياسيًا سيشهد مزيدًا من المراجعة، مع ميل متزايد إلى الانسحاب التدريجي أو تعديل الاستراتيجيات التجارية بما يضمن التوازن بين المكاسب والالتزامات الأخلاقية.
شاهد أيضاً:
خسائر متواصلة لـ”ستاربكس” مع اتساع حملات المقاطعة
رغم المقاطعة … شركة بيبسي تطلق شعارها الجديد
سبب مقاطعة زارا (القصة الكاملة)