تقول التقارير أن هناك خطرًا كبيرًا يهدد العالم، وهو احتمالية حدوث مجاعة عالمية في حال توقف قطاع النقل البحري عن العمل، حيث يعتبر قطاع النقل البحري وسيلة رئيسية لنقل الغذاء والطاقة ومعظم البضائع، مما يجعل صناعة السفن واحدة من الصناعات الاستراتيجية الأكثر أهمية.
وعلى الرغم من أن الانتباه غالبًا ما يتجه نحو صناعة الطيران، إلا أن السفن تلعب دورًا حيويًا في تسيير الاقتصاد العالمي، وتقوم بنقل البضائع ضمن سلاسل التوريد وتُستخدم أيضًا للأغراض العسكرية.
شاهد أيضاً: أفضل 5 مراكز تسوق في الصين
أكبر الدول في صناعة السفن بالعالم:
1- الصين:
تحتل الصين مكانة الريادة كأكبر منتج للسفن في العالم، وقد استحوذت على هذه الدورة الريادية من كوريا في عام 2010. وخلال عام 2021، بلغت نسبة إنتاج السفن الصينية 44.2٪ من الإنتاج العالمي، مما يعني أن الصين أنتجت أكثر من نصف السفن التي تم بناؤها على مستوى العالم في تلك الفترة.
ويعكس هذا الوضع الاعتماد الكبير على الصناعة البحرية الصينية في تسيير شحنات البضائع وحركة النقل البحري العالمية، وإذا توقفت صناعة السفن الصينية لأي سبب من الأسباب، ستتعطل شركات الملاحة في جميع أنحاء العالم.
تقوم الصين بتصنيع مجموعة واسعة من السفن، مثل ناقلات النفط، وناقلات الغاز الطبيعي، وسفن الحاويات، وتدير أكبر مرافق بناء السفن في البلاد من قبل الحكومة، وفي نوفمبر 2019، تم دمج شركتي بناء السفن الرئيسيتين في الصين (CSIC وCSSC) لتشكيل أكبر شركة لبناء السفن في العالم بمسمى “China Shipbuilding Group”.
تشمل المجموعة الجديدة 147 معهدًا بحثيًا ووحدة أعمال وشركات، وتمتلك أصولًا تقدر بنحو 790 مليار يوان (112 مليار دولار أمريكي)، بالإضافة إلى أنها توظف أكثر من 310 ألف موظف.
2- كوريا الجنوبية
تُعد صناعة بناء السفن في كوريا الجنوبية واحدة من أهم الصناعات في العالم حاليًا، وبين الشركات الكبيرة في هذا القطاع تشمل هيونداي للصناعات الثقيلة، سامسونغ للصناعات الثقيلة، ودايو لبناء السفن.
بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، ارتفعت أرباح صناعة السفن الكورية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دورها الرئيسي في إنتاج ناقلات الغاز الطبيعي المسال. الطلب على هذه النوعية من السفن زاد نظرًا للتوترات الجيوسياسية وارتفاع أسعار الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، زادت الحاجة إلى بدائل للغاز الروسي في أوروبا، مما ساهم في تعزيز الطلب على سفن تصدير الغاز.
وحاولت شركتي دايو وهيونداي الاندماج في عام 2022. ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي قام بمنع هذا الاندماج، ويعتقد أن ذلك يعكس مخاوف من حدوث احتكار في سوق بناء السفن، خاصةً في ظل الهيمنة الكورية الجنوبية على إنتاج ناقلات الغاز الطبيعي.
3- اليابان:
تعتبر اليابان واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، وتتمتع بمكانة رائدة في مجال التكنولوجيا. إلى جانب ذلك، تاريخيًا، كان لديها قطاع بناء سفن قوي.
كانت اليابان من بين الدول الرائدة التي امتلكت حاملات طائرات في وقت مبكر، ولعبت هذه الحاملات دورًا حاسمًا خلال الحرب العالمية الثانية.
بعد الحرب العالمية، اضطر قطاع بناء السفن الياباني إلى البداية من جديد. وكما حدث في الصناعات الأخرى، نجح في التعافي بسرعة، وتخطى مستويات الإنتاج التي كانت موجودة قبل الحرب.
تشير الإحصائيات إلى أن نسبة السفن التي تم بناؤها في اليابان تمثل حوالي 17.6٪ من إجمالي إنتاج العالم في عام ماضٍ. يظهر هذا الرقم التفوق والتأثير الكبير لصناعة بناء السفن اليابانية على الساحة العالمية.
4- الفلبين
تعد الفلبين دولة غير متقدمة اقتصادياً، ولكنها تتميز بواقع جغرافي فريد وهو وجود آلاف الجزر، مما يجعل صناعة بناء السفن لها أهمية كبيرة. بفضل تشكيلها الجغرافي، فإن وسائل النقل البحري وبناء السفن تلعب دورًا حيويًا في الاقتصاد الفلبيني.
تعتمد صناعة بناء السفن في الفلبين بشكل رئيسي على الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتوجد أحواض بناء السفن في مختلف مناطق البلاد، بما في ذلك المناطق الشمالية والجنوبية. تشمل بعض المرافق البارزة في هذا القطاع حوض بناء السفن Hanjin و Tsuneishi و Keppel Philippines.
رغم حجم الاقتصاد الفلبيني الصغير، إلا أنها تساهم بنسبة 1.06٪ من إنتاج السفن العالمي في عام 2021. يظهر ذلك أهمية هذا القطاع في البلاد ودورها البارز في صناعة بناء السفن العالمية.
5- إيطاليا
تعتبر إيطاليا واحدة من الدول التي تمتلك بعض أقدم حواض بناء السفن في العالم، ومن بين هذه الحواض الشهيرة حوضي Codecasa و Benetti. هذه الحواض تاريخية ومشهورة ببناء اليخوت الفاخرة والسفن ذات الجودة العالية.
بالإضافة إلى بناء السفن، تلعب صناعة إصلاح السفن دورًا هامًا في اقتصاد إيطاليا. يُقدم المصنعون الإيطاليون خدماتهم للاحتياجات العالمية، ولا سيما في مجال إصلاح وترميم السفن.
نسبة السفن التي تم بناؤها في إيطاليا عام 2021 تشكل 0.82٪ من إجمالي إنتاج العالم، وهذا يظهر تأثير وتميز الصناعة البحرية الإيطالية على الساحة العالمية.
6- ألمانيا
تاريخياً، كانت ألمانيا تعتبر قوة بحرية هامة في القرون السابقة، ولكن في الحروب العالميتين، واجه الأسطول البحري الألماني تحديات كبيرة أمام بريطانيا والولايات المتحدة. بعد تلك الفترة، تركزت ألمانيا على صناعة السفن ذات الأغراض المختلفة، مثل السفن التجارية والسياحية.
صناعة السفن في ألمانيا تحظى بشهرة عالمية بفضل جودة بناء السفن ومحركاتها. على الرغم من تحول عملية بناء سفن النقل إلى الدول ذات الأجور المنخفضة، فإن ألمانيا استمرت في التخصص في بناء السفن السياحية، حيث تعتبر في هذا المجال واحدة من اللاعبين الرئيسيين على مستوى العالم.
نسبة إنتاج السفن العالمي التي تأتي من ألمانيا بلغت 0.63٪ في عام 2021، ورغم أن هذه النسبة تعتبر ضئيلة مقارنةً ببعض الدول الرائدة في هذا المجال، إلا أن الخبرة والجودة التي تتمتع بها صناعة السفن الألمانية تجعلها لاعبًا هامًا في سوق بناء السفن.
7- جمهورية فيتنام الاشتراكية
فيتنام تمتلك مزايا هامة في صناعة بناء السفن، مع سواحلها الطويلة والعديد من الموانئ والحواض البحرية. تعتبر شركة Pha Rung Shipbuilding واحدة من الوحدات البارزة في بناء الناقلات البحرية، خاصةً النوع الصغير والمتوسط.
يُظهر تاريخ Pha Rung Shipbuilding نشاطًا ملحوظًا في بناء ناقلات النفط والكيماويات، وخاصةً النوع Handysize الذي يتناسب مع السفن ذات الحمولة الصغيرة والمتوسطة. وفقًا للإحصائيات، تشير أنشطة Pha Rung إلى بناء عدة ناقلات لصالح كوريا الجنوبية وغيرها من الدول.
إن إسهام فيتنام في إنتاج السفن على مستوى العالم يعكس قوة الصناعة البحرية في هذا البلد، حيث بلغت نسبتها 0.61٪ من إنتاج السفن العالمي في عام 2021.
8- فنلندا
فنلندا تاريخيًا استفادت من تعويضات بناء السفن التي دُفعت إلى الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة للتعاون الفنلندي مع النازيين في غزوهم للاتحاد السوفيتي. تلك التعويضات، التي بلغت قيمتها 226 مليون دولار (تقديري لقيمة 4.36 مليار دولار بأسعار عام 2021)، تمثلت أساسًا في سفن ومعدات بحرية، وهو ما دفع بصناعة بناء السفن في فنلندا للنمو والتطور.
شركتا Meyer Turku وRauma Marine Constructions تُعتبران من أبرز الشركات في مجال بناء السفن في فنلندا. ورغم حجم الإنتاج الصغير نسبيًا بالمقارنة مع بعض الدول الكبيرة في هذا المجال، إلا أن فنلندا تسهم بنسبة 0.36٪ في إنتاج السفن العالمي في عام 2021، مما يعكس التأثير الإيجابي لتلك التعويضات على الصناعة البحرية في البلاد.
السفن من أهم مظاهر القوة العسكرية:
السفن تعتبر جزءًا أساسيًا من القوة العسكرية للدول، وحاملات الطائرات تعتبر خاصةً من بين أهم وسائل العرض البحري للقوة الحربية. القدرة على نشر حاملات الطائرات تعزز الإمكانيات الاستراتيجية والتأثير العسكري للدولة.
تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية، بفضل أسطولها البحري القوي، حصة كبيرة من عدد حاملات الطائرات العاملة في العالم. والحاملات الطائرة ليست فقط وسيلة للقوة العسكرية بل تمثل أيضًا رمزًا للنفوذ والتأثير الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، الدول التي تمتلك صناعة سفن مدنية كبيرة قد تكون قادرة على تحويل هذه الصناعة في حالة الحرب لتلبية احتياجات البناء العسكري. هذا التحول يمكن أن يسهم في تعزيز إمكانيات الدولة في بناء وصيانة أسطول بحري قوي وفعّال في الظروف العسكرية.
من المتوقع أن تشهد صناعة السفن العالمية ازدهاراً كبيراً
توفر التوقعات المستقبلية لسوق بناء السفن تحليلاً مثيرًا للاهتمام حول نمو هذه الصناعة، ومن المنطقي توقع زيادة الطلب على بناء السفن نظرًا لتوسع التجارة العالمية واستمرار الحاجة إلى وسائل النقل البحري.
توقعات Statista التي تشير إلى زيادة حجم السوق من 152 مليار دولار في عام 2022 إلى أكثر من 195 مليار دولار في عام 2030 تشير إلى توقعات إيجابية للنمو. ومن الملاحظ أيضًا أن مؤسسة Market Reports World تتوقع نموًا أعلى، حيث يُتوقع أن تصل قيمة صناعة السفن إلى 229 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028.
تظهر هذه النموذجين الاستشرافيين التوقعات الإيجابية لصناعة بناء السفن، وتشير إلى دورها المهم كعامل رئيسي في دعم الاقتصاد العالمي والتجارة البحرية. كما يُشير النمو المستمر إلى استمرار أهمية السفن كوسيلة رئيسية للنقل البحري وتأمين سبل الاتصال البحري على مستوى العالم.
صناعة السفن تشكل خطرًا على البيئة
إن توجه صناعة السفن نحو تقليل الانبعاثات وتطوير سفن صديقة للبيئة يعكس الاهتمام المتزايد بالاستدامة البيئية وتقنيات النقل البحري الأكثر فاعلية من حيث استهلاك الوقود وانخراطها في مجال الحماية البيئية. يعد تقليل انبعاثات السفن أمرًا حيويًا لتحقيق أهداف التغير المناخي والحفاظ على صحة البيئة البحرية.
تشير إحصائيات Oceana إلى أن صناعة الشحن العالمية تسهم بأكثر من 3٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. هذا يجعلها مسؤولة عن حصة كبيرة من انبعاثات الكربون الناتجة عن النقل البحري، حيث تحمل هذه الصناعة مسؤولية كبيرة نحو تبني تكنولوجيات أكثر نظافة وتقنيات متقدمة للتقليل من الأثر البيئي.
وتسعى المنظمة البحرية الدولية إلى تحقيق تقدم في هذا الاتجاه، مع هدف تخفيض انبعاثات الشحن إلى النصف بحلول عام 2050، وتشير التقديرات إلى أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراءات فورية، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من القطاع قد تلامس نسبة تصل إلى 13٪ من إجمالي الانبعاثات العالمية.
تحسين كفاءة استهلاك الوقود وتحول إلى مصادر طاقة أكثر نظافة يمكن أن يساعد في تحقيق هذه الأهداف وتحسين تأثير الصناعة البحرية على البيئة.
شاهد أيضًا:
أكثر الدول العربية امتلاكًا للذهب
الاقتصاد الرقمي في السعودية يتجاوز 100 مليار دولار
209 مليار دولار فائض الحساب الجاري الصيني في 9 أشهر
أفضل 6 مشاريع عملاقة في بريطانيا قيد الإنشاء في عام 2023