تُعتبر العملات الوطنية مرآة تعكس صحة الاقتصاد ومستوى الاستقرار المالي لأي دولة. في عالم متقلب يسوده التضخم والتوترات السياسية، هناك بعض العملات التي تُظهر ضعفًا شديدًا، مما يعكس تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. يتناول هذا المقال أبرز 10 عملات ضعيفة في العالم، مستعرضًا العوامل التي أدت إلى تدهورها وتأثير ذلك على شعوبها واقتصاداتها. من الليرة اللبنانية إلى الفرنك الغيني، سنستكشف كيف تشكل هذه العملات أزمات متراكمة نتيجة لعوامل متعددة، وكيف يمكن أن تُؤثر على الحياة اليومية للمواطنين في تلك الدول.
في عالم يسعى إلى تحقيق الاستقرار والنمو، تبقى هذه العملات شاهدًا على الصعوبات التي تواجهها شعوبها، وتسلط الضوء على الحاجة إلى إصلاحات شاملة لتحسين الأوضاع الاقتصادية.
أضعف 10 عملات في العالم 2024
1. الليرة اللبنانية (LBP)
تعيش الليرة اللبنانية في حالة تدهور غير مسبوقة، حيث يُعادل سعر الصرف الحالي لكل ليرة لبنانية حوالي 0.000067 دولار أمريكي فقط. هذا الانهيار الكبير ناتج عن الاقتصاد اللبناني المتدهور بشدة، والذي يعاني من بطالة مرتفعة، وأزمة مصرفية حادة، وعدم استقرار سياسي، ومعدلات تضخم تجاوزت 200%. يمكن تتبع هذه الأزمات الاقتصادية في البلاد إلى الأزمة المالية في عام 2019، التي تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت في عام 2020. أدى انهيار الليرة اللبنانية إلى تأثير مدمر على القدرة الشرائية للسكان، حيث بات الكثيرون يكافحون لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
الليرة اللبنانية تتأثر بشدة بالتقلبات في الاقتصاد العالمي، كما ظهر ذلك جلياً عند حدوث أحداث سياسية واقتصادية أجنبية مؤثرة. خلال فترات عدم الاستقرار الاقتصادي، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، كان هذا الارتباط واضحًا للغاية. وشملت العوامل المؤثرة ديناميكيات التجارة الدولية، وأسباب ونتائج التضخم المفرط، وعدم اليقين الجيوسياسي. تضررت الليرة اللبنانية بشدة من التضخم المفرط، حيث انخفضت قيمتها نتيجة الأزمات المالية المتتالية والأخطاء في السياسات النقدية.

2. الريال الإيراني (IRR)
يُعتبر الريال الإيراني من أضعف العملات في العالم، حيث يتم تداول الدولار الأمريكي الواحد بحوالي 42,225 ريالاً إيرانياً في السوق السوداء. بدأ تراجع الريال بشكل كبير منذ عام 1979 بعد الثورة الإسلامية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، وفرض عقوبات اقتصادية، وظهور سوق سوداء للعملات. التضخم المفرط، وارتفاع معدلات البطالة، وانعدام الاستثمارات الأجنبية، كلها عوامل ساهمت في استمرار تدهور الريال على مدى العقود الأربعة الماضية.
توصلت القيادة الإيرانية إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة والصين وروسيا وألمانيا في عام 2015، بهدف تخفيف العقوبات المفروضة على إيران. ونتيجة لذلك، تحسنت الأوضاع المحلية واستقر الريال إلى حد ما. ومع ذلك، في عام 2018، أعلنت الولايات المتحدة أن إيران تواصل برنامجها النووي، ما دفعها إلى تشديد العقوبات الاقتصادية. أثرت هذه العقوبات على الصادرات النفطية التي تشكل حوالي 69% من الدخل السنوي للبلاد، مما أحدث عجزاً كبيراً في الميزانية. كما تأثرت الصناعات الأخرى مثل المعادن والبتروكيماويات، مما زاد من ضعف العملة الإيرانية.

3. الدونغ الفيتنامي (VND)
يحتل الدونغ الفيتنامي المرتبة الثالثة بين أضعف العملات، حيث يُعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 25,438 دونغ. على الرغم من التقدم الاقتصادي الكبير الذي حققته فيتنام في العقود الأخيرة، لا تزال العملة الفيتنامية ضعيفة بسبب ارتفاع معدلات التضخم واعتماد البلاد الكبير على الصادرات. حاولت الحكومة الفيتنامية استقرار الدونغ من خلال تعديل سياسات سعر الصرف وتطبيق سياسات نقدية أكثر صرامة، لكن العملة ما زالت تواجه صعوبة في التنافس مع الدولار الأمريكي.
تتأثر قيمة الدونغ الفيتنامي بعدة عوامل مثل أسعار الفائدة، ومعدلات التضخم، والنمو الاقتصادي، ونشاط التصدير والاستيراد. على سبيل المثال، قد تنخفض قيمة الدونغ بالنسبة للعملات الرئيسية الأخرى إذا كانت فيتنام تعاني من تضخم حاد. وفي المقابل، إذا كان اقتصاد البلاد ينمو بشكل مستقر ويجذب رؤوس أموال أجنبية، فإن قيمة الدونغ قد ترتفع.

4. الليون السيراليوني (SLE)
يُعتبر الليون السيراليوني رابع أضعف العملات، حيث يعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 20,000 ليون. يعاني اقتصاد سيراليون من مجموعة من التحديات، مثل ارتفاع معدلات التضخم، وانتشار الفقر، وقلة التنوع الاقتصادي. اعتماد البلاد على المواد الخام الأساسية، مثل الألماس والزراعة، جعل عملتها عرضة للتقلبات في أسعار الأسواق العالمية.
يعاني اقتصاد سيراليون من التضخم المرتفع المستمر، ما يجعل الليون من بين أضعف العملات في العالم. انخفضت قيمة الليون من 0.00025 إلى 0.0001 دولار أمريكي بين يونيو 2016 وديسمبر 2020. وباعتبارها واحدة من أفقر دول العالم، تعتمد سيراليون بشكل كبير على المساعدات الأجنبية، حيث يعيش حوالي 57% من سكان البلاد تحت خط الفقر. أدى التباطؤ في النمو الاقتصادي، الذي بلغ 3.7% في 2018 مقارنة بـ 21% في 2015، إلى تفاقم معدلات الفقر.

5. الكيب اللاوسي (LAK)
يحتل الكيب اللاوسي المرتبة الخامسة بين أضعف العملات، حيث يعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 21,451.14 كيب. يعتمد اقتصاد لاوس بشكل كبير على الزراعة والموارد الطبيعية، مما يجعل الكيب عرضة لتقلبات أسعار السلع الأساسية العالمية. بالإضافة إلى ذلك، أدت قلة التنوع الاقتصادي وارتفاع معدلات التضخم إلى استمرار انخفاض قيمة الكيب.
شهد الكيب اللاوسي تقلبات شديدة في السنوات الأخيرة، حيث تراوحت قيمته بين 5% و15% مقارنة بالعملات الأخرى مثل الدولار الأمريكي واليورو. على الرغم من أن هذا التقلب قد يوفر فرصًا للمضاربين في العملات، إلا أنه يشكل خطرًا كبيرًا على غير المستعدين. من المتوقع أن يصبح الكيب أكثر استقرارًا بمرور الوقت مع استمرار نمو وتنوع الاقتصاد في البلاد.

6. الروبية الإندونيسية (IDR)
تُعتبر الروبية الإندونيسية من العملات ذات الأداء الضعيف المستمر، حيث يُعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 16,231 روبية. يمكن إرجاع تدهور الروبية إلى عدة عوامل، منها انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في إندونيسيا، ومخاطر هروب رؤوس الأموال، والاعتماد الكبير على الصادرات السلعية. كما تأثر النمو الاقتصادي للبلاد بعدم الاستقرار السياسي وتداعيات جائحة كوفيد-19.
تُعد إندونيسيا دولة متطورة نسبيًا وذات اقتصاد مستقر، إلا أن عملتها تتمتع بسعر صرف منخفض نسبيًا. تبذل الجهات التنظيمية في البلاد كل ما في وسعها لدعم قيمة العملة، إلا أن هذه الجهود لم تحقق سوى تأثير محدود.

7. الليرة السورية (SYP)
تأثرت الليرة السورية بشكل كبير بالحرب الأهلية المستمرة في البلاد، ما أدى إلى انخفاض كبير في قيمة العملة. يُعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 2,512.53 ليرة، مما يجعلها من أضعف العملات في العالم. دمرت الحرب الاقتصاد السوري، مما أدى إلى تعطيل التجارة والاستثمار والوصول إلى العملات الأجنبية، وكلها ساهمت في تراجع قيمة الليرة.
بدأت قيمة الليرة السورية في الانخفاض مع تشديد الدول الغربية للعقوبات المفروضة على دمشق. كما تأثرت العملة بانخفاض التحويلات المالية، حيث بدأ الكثير من السوريين بشراء الدولار لحماية استثماراتهم.

شاهد أيضاً: بالأرقام … ترتيب الدول من حيث الأكثر استهلاكاً للبطاطا سنوياً
8. السوم الأوزبكي (UZS)
يُعتبر السوم الأوزبكي ثامن أضعف العملات، حيث يعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 12,590 سوم. ظل الاقتصاد الأوزبكي بطيئًا في التعافي منذ الحقبة السوفيتية، حيث ساهمت معدلات التضخم والبطالة العالية والفساد في تدهور قيمة السوم. كما أن اعتماد البلاد على الصادرات السلعية وقلة التنوع الاقتصادي جعل العملة عرضة للصدمات الخارجية.
في البداية، كان لسعر صرف السوم الأوزبكي (UZS) مقابل الدولار الأمريكي سعر ثابت. ولكن في سبتمبر 2017، قدم البنك المركزي الأوزبكي آلية سعر صرف عائم تحت السيطرة، مما سمح للسوم بالتأقلم مع العوامل الخارجية. مر السوم بفترات من التراجع والتضخم على مر الزمن. وقد اتخذت الحكومة الأوزبكية إجراءات لتعزيز النمو الاقتصادي واستقرار العملة.

9. الفرنك الغيني (GNF)
يُعد الفرنك الغيني تاسع أضعف العملات، حيث يعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 8,579 فرنكًا غينيًا. يتمتع الاقتصاد الغيني بموارد طبيعية غنية تشمل البوكسيت والذهب والألماس، لكن ارتفاع معدلات التضخم، وانتشار الفقر، وقلة التنوع الاقتصادي أدى إلى تدهور الفرنك. كما كانت عدم الاستقرار السياسي والفساد عوامل أساسية في تراجع قيمة الفرنك.
انخفضت أسعار صرف الفرنك الغيني بشكل كبير نتيجة العجز عن السيطرة على التضخم. وأدى الانخفاض الناجم عن الأزمات الاقتصادية الحادة إلى فقدان الفرنك لقيمته السابقة وتدهور قوته الشرائية، على الرغم من العديد من المحاولات لتحقيق استقرار اقتصادي.

10. الغواراني الباراغواياني (PYG)
يُعد الغواراني الباراغواياني عاشر أضعف العملات، حيث يعادل الدولار الأمريكي الواحد حوالي 7,280 غواراني. يعاني اقتصاد باراغواي من مجموعة من التحديات، منها التضخم المرتفع، والفساد، وتدني مستويات النمو الاقتصادي.

شاهد أيضاً:
أفضل 10 فنادق تحت الماء في العالم لقضاء إقامة ساحرة
أكبر 10 يخوت شراعية في العالم
أكبر 10 دول إنتاجًا للنفايات الإلكترونية حول العالم